أخر الأخبار

الأربعاء، 30 يونيو 2010

إذلال المصريين ب"كوبينات "الحكومة الذكية


أمس خرج تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة ليصف حالة الفقر والبطالة المتشعبة والمتعمقة في جذور الجسد المصري ،وكذلك بالأمس أيضا دعت وزارة التضامن الإجتماعي الشعب المصري للذهاب لمكاتب البريد لتسلم البطاقات التموين الإلكترونية ،الحلم الذي طالما حلم به رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف ،صاحب الحكومة الذكية .

خصص التقرير لظاهرة الفقر في مصر مبحثا كاملا، ذكر فيه ما وصفه بـ"توارث الفقر" في الفئات الفقيرة، وقال إن الشباب الفقير ينشأ ويستمر فقيرا، خاصة في المناطق الريفية، ويظل غير مؤهل لاقتناص الفرص، أو الحصول على عمل دائم.

نعم الفقر في مصر بالوراثة ،مثلما مرض السكر وغيرها من الأمراض الوراثية ،بل وصل الحال إلي أن أصبحت حتي الأمراض غير الوراثية "تستهبل وتستعبط"كي تكون أمراضا وراثية ،فأصبحنا نري أكثر من فرد في عائلة واحدة مصاب بمرض مثل فيرس سي ،أو الفشل الكلوي وغيرها من الأمراض التي أصبح لها طابعا مصريا خاصا .

في حين ذكر الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق علي شاشة برنامج العاشرة مساءا ،أثناء الحلقة النقاشية حول جدوي بطاقات التموين الإلكترونية ،بأنها خطوة في طريق تحويل دعم الحكومة العيني إلي دعم نقدي ،وهو الأمر الذي طالما طالب به وقت أن كان وزيرا للمالية .

الغريب أن الدكتور علي لطفي يتكلم عن الموضوع بكل ثقة ،وكأنه مدرك كل صغيرة وكبيرة ،بل وكأنه مازال رئيسا لوزراء مصر ،يتكلم بكل فخر لأنه هو أول من طالب بهذا التحول والتخلي عن الشعب ،يقول لطفي بكل فخر ،هذا الإجراء من أجل كرامة المواطن المصري ،ولكي لا يقف في طوابر الخبز والانابيب بشكل مهين! .

ربما لا يقرأ سيادة الوزير السابق الأخبار التي نراها من حين لأخر ،والتي تقشعر لها الأبدان ،أخبار من يقتلون أبنائهم ،بل وانفسهم خشية إملاق،وانتشار البطالة ،والفقر ،ورغم ذلك يسعي ويفتخر بمحاولة تنصل الحكومة من الدعم العيني لفقرائها .

كان آخر هذه الأخبار ما صدر علي صدر الصفحة الاولي اليوم بجريدة المصري اليوم بعنوان "سهام تقتل صغيرها وتحاول الإنتحار "مرتين "بسبب الفقر ".

الفقر كما يأكل البطون جوعا ،يأكل أيضا الأبناء ،سهام هذه ،والتي بحثت كثيرا عن عمل تستطيع الإنفاق منه علي صغيرها الوحيد بعد أن طلقها زوجها بعد ثلاثة اشهر فقط من الزواج ،ضاق بها الحال ،ولم تكفيها 500جنية التي يساعدها بها شقيقها ، هذا المبلغ لم يكفها بضعة الايام الاولي في الشهر بعد أن تدفع الأجرة الشهرية للشقة ،وهو ما اضطرها إلي إخراج ابنها من المدرسة ،ولم تستطع ايضا الإنفاق عليه ،فقتلته ،وحاولت أن تقتل نفسها مرتين ولكنها فشلت ،كل ذلك بسبب الفقر ،والحاجة ليس إلا .

ما فعلته سهام بابنها هو بالضبط ما قاله مكتب تنسيق الشئون الإنسانية بالأمم المتحدة والذي يؤكد أن المصريين في الأحياء الفقيرة يكافحون من أجل الحصول على كسرة خبز، وأضاف في تقرير له أمس الأول أن الأطفال الذين يعيشون في الأحياء العشوائية الفقيرة بالقاهرة يتناولون النشويات والوجبات عالية السعرات، ولكن غذاءهم يفتقر إلى البروتين.

رئيس الوزراء السابق يتحسر ويغار علي أموال المعاشات التي تضيع هدرا ،ودون وجه حق ،فيقول "في ناس بتاخذ معاش من أيام السادات الله يرحمه ،وكان سنهم فوق الستين ،ومكانش لهم مصدر دخل ،لغاية النهارده وبعد ان أصبح سنهم في التسعين ،وبياخدوا معاش ،دول ماتوا بقاله عشرين سنة ،والناس عمالة تزور...التزوير للأسف منتشر في مصر جدا".

السيد علي لطفي لا يعلم أن التزوير في مصر سائد إلا من خلال هذه الواقعة التي وإن دلت لن تدل إلي علي مدي الفقر والحاجة التي وصل إليها الشعب المصري والفقراء ،للدرجة التي تدفعهم للإحتيال علي القانون من اجل بضعة جنيهات تتصدق بها الحكومة من أجل كسب السمعة الطيبة ليس إلا .

رئيس الوزراء السابق والسياسي المخضرم لا يعلم شيئ عن الأموال المهدره أيضا و التي تهرب إلي الخارج ،وأموال البنوك التي تنهب ليل نهار أمام أعين الحكومة ،يتعجب من احتيال المواطن الفقير ،ولا يتعجب من احتيال الحكومة لنهب أموال التأمينات الإجتماعية لسد عجز الموازنة ،ولا يتعجب ،وكذلك لا يتساءل عن اسم المسئول الكبير في الحكومة الذي ارتشي لتسهيل توكيلات مرسيدس في مصر ،ولكن ربما يرجع هذا لدقة الرجل وملاحظته لأصغر الاشياء لدرجة أنه يري فقط حيل المحتال الصغير الذي يحتال لكي يأكل ،ولا يري المبالغ الضخمة التي تدخل في كروش حيتان البلد.

كان في تقرير صادر أيضا عن الأمم المتحدة قد قدر نسبة الفقر في مصر عام 2007ب 14 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، بينهم أربعة ملايين لا يجدون قوت يومهم،لكننا اليوم ندرك وعبر دراسة وإحصاء وزارة التضامن الإجتماعي والذي يفتخر قادتها بأن جمعوا اكبر قدر من المعلومات والبيانات عن الشعب المصري ،والذي ذكر أحد مستشاريها وهو درويش مصطفي مستشار الوزير في البرنامج أن 12مليون أسرة لهم حق الإنتفاع بالبطاقات التموينية ،أي أنهم يستحقون الدعم من الحكومة ،كما ذكر أن تلك الاسر تضم فيما بينها 64مليون فرد ،وهو ما يعني أن ثلاثة أرباع الشعب المصري يستحق الدعم .

كلام مستشار وزير التضامن الاجتماعي يعد اعترافا رسميا بان أكثر من ثلاثة أرباع الشعب المصري يستحقون الدعم ،وهم يقدرون وفق احصائية الوزارة ب64مليون نسمة ،ومن المعروف أن تعداد مصر لم يصل بعد إلي رقم ال80مليون نسمة ،وهو ما يشير صراحة أن ما يزيد عن ثلاثة أرباع الشعب المصري يعيش حالة من الفقر التي تتباين درجاته .

الأربعاء، 2 يونيو 2010

أردوغان




تظاهر العالم بأثره علي ما رأه من قرصنة اسرائيلية انتهكت كل الإتفاقيات الحقوقية والدولية والإنسانية ..اسرائيل دولة لا تحترم حق الحياة-علي حد تعبر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان –دولة تخترق كل القوانين والأعراف حتي الإنسانية..تزهق أرواحا بكل بساطة ..لتحي بين العالم بكل فظاعة وشراسة .
بالأمس ..يوم وقوع حادث القرصنة الإسرائيلية علي قافلة الحرية ،ووقت صلاة المغرب عقب عودتي من عملي اليومي لفت انتباهي تكدس قوات الأمن المركزي بميدان رمسيس يمنعون أحدا من الوقوف ..إن كنت تريد أن تمشي فلتمشي ،وإن كنت تريد أن تشتري شيئ فعليك بذلك ..ولكن لا تقف ،هكذا قال لي رجل الأمن .لا يردون حتي أن تري صرخات الآخرين أو أن تعرف سبب هذا التكدس الغريب لرجال الأمن الذي يستفز أي شخص عادي ..فما بالك ببني آدم قُدر له أن يعمل بصاحبة الجلالة ،حيث الشغف والنهم الدائم للمعرفة.
أري جموع تتوجه نحو مسجد الفتح ..في البداية كان الأمن يمنع دخول هذه الجموع داخل المسجد لكنهم بعد ذلك وافقوا .

صلي المسلمون المغرب ثم صلوا صلاة الغائب علي روح شهداء قافلة الحرية –وأنا بالخارج ممنوع من الوقوف للمشاهدة ،وممنوع من الدخول للمشاركة- .

بدأت أول تكبيره ثم تنديدات وهتافات وأنا مازلت أبحث عن مخرج ..ألتف حول جنود الأمن ذي الزي الميري والمدني ،وهم يلتفون حولي وحول غيري ممن يريدون أبسط حقوقهم كالمشاهدة والمعرفة .

هتافات وتكبيرات وصرخات ومؤازرة للفلسطينيين ،وتهديد ووعيد للإسرائيليين بأن جيش محمد سوف يعود ،وتذكيراً لهم بأيام خيبر ..وكانت المفاجأة –ربما لي-أن بدأ المتظاهرون في إطلاق صيحات الإعجاب والهتافات التي تؤازر الزعيم التركي رجب طيب أردوغان .."أردوغان ..أردوغان "وتكررت أكثر من مرة .

تساءلت لماذا؟..لماذا لم تهتف تلك الجموع لأي قائد عربي ؟..لماذا هتفوا لأردوغان دون غيره ؟..هل لأنهم لم يجدوا قائدا عربيا؟!..وهو ما لا أعتقد ه ،فلدينا- والخير كثير والحمد لله –الكثير من القادة العرب ،ولكن ربما تنافسهم علي كرسي الحكم والسلطة ألهاهم عن تنافسهم لخلق دوراً قيادياً عربياً ليلتف حولهم شعوبهم ..إنهم قادة اكتفوا بالتنديد والشجب ،وهو ما رفضه المتظاهرون علي لافتاتهم التي أيضا لا تملك سوي أن تندد وتشجب وتدين وتستنكر (وشوية أفعال بتبدأ بتاء المضارعة ).

أعتقد أن أفعال وقرارات أردوغان الأخيرة في الشأن العربي والإسلامي كانت هي كلمة السر التي جعلته زعيماً شعبياً تخطي حدود دولته وقارته ..قراره فور أزمة وزير الخارجية التي اضطرت اسرائيل بكل عجرفتها للإعتذار ..تصريحاته الصارمة تجاه الإنتهاكات الإسرائيلية اليومية ..تقربه من الشارع العربي والمصري بشتي الطرق حتي ولو كان عن طريق مسلسل مثل "نور " الذي استوطن البيوت العربية والمصرية بسلاسة مما جعل تركيا في كل بيت مصري وعربي ،وقراراته الأخيرة بعد حادث القرصنة ،حيث سحب السفير التركي من اسرائيل احتاجا علي الجرم الواقع في حق الأتراك وبعض رجال العالم الذين راحوا ضحية هذه القرصنة ،وإلغاءه ثلاث اتفاقيات عسكرية كانت مبرمة بين تركيا واسرائيل ،وطلبه عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي ..كما أن أردوغان قطع زيارته الرسمية لأمريكا اللاتينية للعودة إلي تركيا لمتابعة ما يحدث وما لا بد الوقوف عليه لردع اسرائيل .

هكذا تحرك الرجل ،فتحركت مشاعر الشعوب العربية نحوه ..تحرك الرجل معاديا للكيان الصهيوني ..قال الرجل في خطابه أمام البرلمان التركي متوجها إلي اسرائيل بكل صرامة (إذا أرتم تركيا "عدوة"فإنها ستكون قاسية )..هكذا يهدد الرجل ويتوعد ..يتوعد ويهدد دون أدني انتقاد،أو اتهاما بمعاداة السامية ،وذلك لا لشئ إلا لأنه هوالرجل الذي يتحرك في الوقت الصحيح والفرصة السانحة ..بعد أن انكشف النقاب عن الوجه العبوث لهذا الكيان الصهيوني .
تحرك الرجل وتحركت اسبانيا واليونان ،وأمين الأمم المتحدة ،وحتي الولايات المتحدة الصديق الأول لإسرائيل ،فلا أحد يستطيع أن ينكر أو يجحد ما قامت به اسرائيل من انتهاكات لجميع الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية ،وكان حتما عليهم أن يدينوا ويستنكروا ،لكنه كان لزاما علينا أن نتخذ قرارات أكبر من ذلك ،لأننا شبعنا من هذا النوع من التصريحات .

الأنظمة العربية أثبتت أنها أنظمة غبية ،فربما وصفها بالجبانة يكون ترأفا بحالها ،فللجبناء مبررهم ،ولكن ليس هناك مبرراً للأغبياء ،لا عيب عليهم ،ولا لوم لنا عليهم ،ولا نستطيع سوي الدعاء لهم بالشفاء .

أنظمة أثبتت أنها لا تسعي حتي لنيل تأيد الجماهير من خلفهم حتي ولو بالتصريحات العنترية والخطب الرنانة التي ربما تخدع الجماهير ،وتغفر لهم زلاتهم وخطاياهم التي قد تصل إلي خسارة ألاف الجنود في معركة كانت نتيجتها أكبر "وكسة "عربية مصرية في التاريخ ،ولكن خرجت الجماهير تؤيد وتؤازر وتصفح .

كانت لدي الأنظمة العربية الفرصة ،وكانت لديهم المبررات ،وكان لديهم التأيد العالمي ،لكنهم رفضوا الفرصة واعرضوا بوجوههم ..رفضوا تأيدا شعبيا ،يجعلهم أكثر احتراما أمام أعين شعوبهم ..فلهذا امتدت شعبية أردوغان ..ولهذا أيضا اختفت الزعامة العربية .